الصفحة الرئيسية  رياضة

رياضة لا تبيعوا تونس بحفنة دنانير !

نشر في  22 أكتوبر 2014  (13:32)

تستعد بلادنا لحدث هام وكبير ألا وهو الانتخابات التشريعية التي نتمنى أن تدور في أجواء نظيفة وشفافة ونزيهة وأن تشهد إقبالاً شديداً على صناديق الانتخاب نظرا لأهمّية وحساسية وخطورة المرحلة التي تعيشها بلادنا وانعكاس النتائج التي ستفضي إليها هذه الانتخابات على حاضر ومستقبل البلاد والأجيال القادمة.
ولا شك في أن الانتخاب هو أثمن وأغلى حق يمتلكه المواطن خصوصا وأن الانتخابات هي في النهاية مسؤولية والتزام نحو أنفسنا ونحو الآخرين ونحو الوطن، وهي تمثيل حقيقي للمواطنة بما في الكلمة من معان، وهو ما يستوجب على الجميع ممارسة هذا الحق مع معرفة كاملة بحجم هذه المسؤولية وتأثيرها على مستقبل البلاد والعباد. يوم الأحد القادم سينتخب الشعب ويصوت لمن سيقود تونس المستقبل وهنا تكمن أهمية معرفة إمكانات ومواصفات وبرامج القائمات التي سنصوّت لها.. إن ما تحتاجه تونس اليوم وفي هذه المرحلة بالذات هو القائمات التي يُؤْمِن مرشحوها بالحرية في التعبير والرأي واللباس أيضا، والتي يُؤْمِن مرشحوها بمدنية الدولة والدفاع عنها والذين يملكون النظرة المستقبلية لبناء الوطن، هذا الوطن الذي يحتاج اليوم إلى كل أبنائه، مثلما يحتاج إلى وحدة الصف والتكاتف والتضامن والتحابب وتجاوز كل الخلافات والتصدعات والنعرات الجهوية التي أشعلت نار الفتنة في البلاد..
لقد فقد المواطن التونسي اليوم الكثير من مقومات حياته اليومية، بعد أن انهار الدينار وانتشرت الأوبئة وارتفعت نسبة البطالة واشتعلت الأسعار.. لذلك يجب التعامل مع هذه الانتخابات علاوة على كونها واجبا فهي أيضا دليلا على عمق وتجذّر الوعي الثقافي والانتماء الوطني، ضد أشكال الفتن والطائفية، والفكر الظلامي التكفيري، وبالتالي تثبت الشخصية التونسية اليوم أنها قادرة على تجاوز الصعاب والمحن بالتشبث بالأرض والانتماء عبر الانتخاب والاختيار المناسب الذي يمكن أن يحقق تطلعات الشعب ويحقق له التنمية المستدامة بالبناء والإعمار، ولأننا نحن التونسيون نملك العقل والذكاء، ولنا تاريخ وثقافة وتطلعات مشروعة لا مفرّ لنا من الذهاب إلى مكاتب الإقتراع للقيام بعملية التصويت لأنها إثبات لشخصيتنا التونسية، الواثقة من اختيارها بعقلها السليم ووعي وطني لا محدود…
لقد لاحظت من خلال متابعتي للحملة الانتخابية التشريعية التي أوشكت على نهايتها أن هناك العديد من الأحزاب والقائمات المرشحة تحمل رؤية وبرنامجا سياسيا واقتصاديا للنهوض بالمجتمع والخروج بالبلاد مما هي عليه اليوم، وهذا ما يدفعنا إلى تحمل المسؤولية في اختيارنا الذي سيمثّل منعطفاً فكرياً وإنسانياً واجتماعياً بتاريخ تونس المعاصر…لذلك على الناخبين أن يميزوا بين مترشحين وأحزاب وقائمات تسعى إلى امتيازات شخصية وحزبية وأيديولوجية يوفرها البرلمان، أو آخرون همهم الوحيد إرضاء أسيادهم في الخارج، وبين من يحملون في قلوبهم هموم شعبهم ومشاغل مواطنيهم. وانطلاقا من ذلك نقرّ بأن هناك عبئا ثقيلا يقع على أكتاف الناخبين عند اختيار نوابنا في البرلمان يمكن التغلّب عليه والتصدي له بالمشاركة المكثفة في التصويت وبحسن اختيار المرشحين.. هي عبء لأننا أمام مسؤولية وطنية ستمتد أثار قرارنا فيها لسنوات ولربما لعقود أخرى قادمة.
اليوم يقرّر الشعب مصيره ومستقبله بل وحتّى نمط حياته وأسلوب عيشه، واليوم سيكون الشعب أمام موعد مع التاريخ لإنقاذ تونس ولحماية تونس، ولبناء تونس.. تونس التسامح والاعتدال والوسطية، تونس الفن والحب والحياة والأمل، تونس حي هلال والتضامن والملاسين وعقارب والمتلوِّي وحاجب العيون وتطاوين، تونس الساحل والوسط والجنوب، تونس الأعماق.. تونس الحاضر والمستقبل.. تونس الأمل والحريّة والشغل والكرامة.. لذلك لا تبيعوها بحفنة دنانير، لا تبيعوا أصواتكم وتقضوا على مستقبلكم ومستقبل أبنائكم وأجيالكم بأيديكم مهما كانت الهدايا والرشاوي والإغراءات والله وليّ التوفيق.

بقلم: عادل بوهلال